مواطن سعودي يسكن في المدينة المنوَّرة ، صدر أمرٌ بإزالة بيته من جوار مسجد رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم للتَّوسعة فأنشد قصيدة يصف حاله ؛ وحقَّ له أن يبكي فراق جوار سيِّد الخلق محمَّد صلَّى الله عليه وسلَّم يقول فيها :
ولـمّا رأيت الرقم فوق جدارها *** وأيقنت أنَّ الهدم أصبح ساريا
بعثت إليكم بالبريد رسالتي  ***وأرفقتها شرحاً عن الدَّار وافيا
وأخليتها والعين تذرف دمعها ***والإبن يصرخ والبنات بواكيا
فإن جاءت الآلات تهدم منزلي *** وأصبح بنياني على الأرض هاويا
فلا ترفعوا ذاك الركام بقسوة *** ستلقون قلبي تحته كان باقيا
فمَن لي بجار يشرح الصَّدر ذكره *** ومَن لي بدار كان للخير دانيا
فإن كنت تبكي إن سمعت مصيبتي *** فإني سأبقى طيلة العمر باكيا
سلامٌ على دار الرَّسول وأهلها *** فقد صرت بعد القرب بالدَّار نائيا
ورد عليه الشَّاعر عبد الله عقلان :
أيا صاحب الدَّار التي جاء ذكرها *** بطيبة والأشواق تهفو دوانيا
قرأت لك الأبيات حين رسلتها *** ففاضت دموع العين عبر القوافيا
فدارك يا هذا بوصفك جنَّة *** وقلبك فيها رغم بعدك باقيا
ألا ليت من قاموا بهذا ترفّقوا *** وراعوا حنيناً في فؤادك خافيا
أما علموا أنَّ القلوب منازل *** وأعظمها ما كان لله صافيا
وما علموا أنَّ الجوار معادن *** وجيرة خير الخلق أسمى الأمانيا
ففي ذكره للنفس أنسٌ وراحةٌ *** وفي قربه تغلوا ديارا خواليا
فصلِّ وسلًم يا إلهي على النبي *** محمَّد خير الخلق للناس هاديا
وأقول عن أطيب جار ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) :
إِلَى جَارِ " طَهَ " إِذْ أَرَى الـجَارَ بَاكِيَا  *** فِدَا جَارِكَ الـمَحْبُوْبِ نَفْسِي وَمَالِيَا
وَأَهْلِي وَخِلاَّني وَصَحْبِي وَجِيْرَتِـي *** وَزَوْجِي وَأَبْنَائِي وَمَنْ كَانَ بَاقِيَا ...
تَـجَلَّدْ فَإِنَّا قَدْ حُرِمْنَا جِوَارَهُ *** وَأَنْتَ لَهُ جَارٌ وَإِنْ كُنْتَ نَائِيَا !
وَلاَ تَبْكِ دَاراً إِنْ تَـهَدَّمَ طِينُهَا *** فَأَنْتَ لَهُ فِـي القَلْبِ بِالحُبِّ بَانِيَا
هَنِيْئاً لَكُمْ عَيْشٌ بِطَيْبَةَ طَيِّبٌ *** ثَرَاهَا فَقَدْ طَابَتْ بِأَحْمَدَ مَاشِيَا
إِذَا كَانَ يَرْقَى بِالـمَحَبَّةِ مُرْتَقٍ *** فَإنِّي بِلَثْمِي أَرْضَ طَيْبَةَ رَاقِيَا
وَإِنَّا لَنَرْجُو بِالدُّمُوْعِ شَفَاعَةً *** فَقَدْ سَالَ دَمْعٌ بَالـمَحَبَّةِ صَافِيَا
سَتَلْقَاُه مَرْضِياً عَلَى الـحَوْضِ فِـي غَدٍ *** إِذَا شَاءَ ربِّي كُنْتَ بِالحِبِّ رَاضِيَا
وَيَا رَبُّ إنِّي قَدْ دُعِيْتُ بِإِسْـمِهِ *** حَبِيْبٌ لِطَهَ فَاجْعَلْ الإِسْمَ شَافِيَا
أَتِحْ لِـي وَمَنْ كَانَ لِلْجَارِ بَاكِياً *** جِوَاراً لِطَهَ ... عَنِ النَّارِ وَاقِيَا
وَأَبْعِدْنِـي عَنْ شَكِّي وَهمِّي وَحَيْرَتِـي *** فَقَدْ عِشْتُ إِلْـحَاداً مَعَ الشَكِّ شَاقِيَا
وَإنِّـي لَأَرْجُو بَعْدَ ذَلِكَ تَوْبَةً *** وَأَدْعُوْكَ رَبِّـِي أَنْ تُبدِّلَ حَالِيَا
فَيَا رَبُّ أَكْرِمْنَا بِـجِيْرةِ أَحْمَدٍ *** لِنَلْقَاهُ فِـي الفِرْدَوْسِ ، وَالـحَوْضِ سَاقِيَا
 [ محمَّد الحبيب بن الطَّاهر منَّادي ]

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

يا قاضي الغرام.... بقلم الاستاذ المبدع مارس نورالدين

بائعة الخبز....بقلم الشاعرة الرائعة الاستاذة نعيمة حرفوش

عزف على اوتار القلب..بقلم الشاعر الغريب