الحياة تولد من جديد بقلم الشاعر المتألق نصر مصطفى
على رصيفِ الأحزانْ
أتكًَأَ القهرُ على عتباتِ الزمانْ
الألمُ أَظَلَّ بظَلَّهِ على السنانْ
جُرِّدَ السيفُ من غِمْدِ الحرمانْ
أَغْرَزَ نَصْلُهُ في الأبدانْ
و الحياةُ !
سُرقَ منها الألوانْ
تئنُ !
تحتَ ضرباتِ المطرقةِ و السندانْ
تتوجعُ !
تُصلبُ على العمدانْ
و الشمسُ توارت خلفَ الدُجانْ
....
على الرصيفِ المشلولْ
وقفتْ أمرأةٌ
عيناها حائرتانْ
تراقبُ المكانْ
أُصيبتْ بالذهولْ
من وجوهٍ يائسة
عشعشَ فيها الخمولْ
تفتشُ في إعلاناتِ النسيانْ
عن ظلِّ العنوانْ
تتباطئ اللحظاتْ
يرتجفُ البَنَانْ
يعبثُ بالجبينْ
يضغطُ على الشريانْ
و هي تنتظرْ !
القادم
الٱتْ
من ماضٍ كانْ !
كانَ في سالفِ الأزمانْ
وهمٌ
سرابْ
و كنّا !
نتابزُ بالألقابْ
نتفاخرُ بالانسابْ
نشربُ الانخابْ
نثرثرُ في الليوانْ
و الٱنْ !
لبِسنا ثوبَ العميانْ
أقنعةٌ تغلفُ وجهَ الإنسانْ
نصفقُ للشيطانْ
يَسْخرُ منا السَلوانْ
و ما زالتْ تنتظرْ !
تسألْ !
هلْ ينطقُ الحجرٔ ؟!
هلْ تحكي الصورْ ؟!
لم يأتِ !
لماذا ؟!
هلْ كانَ حلمٌ و استترْ ؟!
و وعودُ العاشقين تحتضرْ !
أم الأحلام تختصرْ ؟!
هل تبخرتْ مع الأيامْ ؟!
أين الناسْ ؟!
أين البشرْ ؟؛
أجسادٌ ساكنةْ
تيبست الوجوه و الأجفانْ
قد شلَّ المكانْ
لم تعدْ تسمعُ حتى حفيف الشجرْ
السكونُ
أيقظَ وسوسةَ الهذيانْ
يتردّدُ من خلفِ ستائر الصوانْ
صوتُ ساحرٌ
يرتّلُ التعاويذ القديمهْ
يلبسُ رداءَ الرهبانْ
يرقصُ رقصة الشيطانْ
يرسم أفعى لئيمهْ
على الجدرانْ
تتعالى اصواتُ الصمتِ
مع أعمدة الدخانْ
تشعلُ الرمادَ في البركانْ
تعبقُ روائح المباخرِ
ترسمُ على الوجوه الفارغةْ
ضحكات االذل و الهوانْ
ترزحُ تحت سوط العذابْ
و هي تترنحُ تحت ثقلِ
السؤالْ !
و في الجوابِ يتأرجحُ السؤالْ
هل من يبيعُ الكلامْ ؟!
لسائلة تريدُ الجوابْ
ينطقُ من فمِ الاوهامْ
...
كم من مرةٍ انتظرتْ ؟!
كمْ من مرةٍ قُهِرتْ ؟!
كمْ مرةٍ كُسِرَ قلبها ؟!
غاصتْ عيونها
و هي تمسحُ دموعها
ولا من يجيبُ على السؤال !
انهزمت
هزمتها الٱلامْ !
قهرتها رياحُ الٱيامْ
الحزنُ سكنَ الأكفانْ
و الضحكُ رشحَ من الدنانْ
اتعبتها الٱهاتْ
استلقتْ على المقعدِ الفارغِ
تخنقها الغصاتْ
تدخلها في حالةِ سباتْ
و لا زالتْ
تسألْ ؟!
متى ينتهي فصلُ المهزلهْ ؟!
و ترحلُ الهموم المحملهْ
تسيرُ مع القافلهْ
إلى المزبلهْ !
و لا من يجيبُ على السؤالْ
من خلف الشرفات البائسةْ
و الأبوابْ الفارغةْ
يطلُ شيخٌ عجوزْ
عاركَ الدهورْ
رسمت الحياة
تجاربها على الجبينْ
تغلغل فيها عرق السنينْ
نظر الى الفتاةْ
و ابتسمْ !
و على الوجهِ حزنٌ
ارتسمْ
عيناهُ تطوي ٱلاف الحكايا
من ألفِ ليله و ليلهْ
ربّتَ على الكتفينْ
و قالَ لها :
بصوتٍ مبحوحٍ حزينْ
لا تنتظرِ
من تنتظريهُ
اصبحَ في السماءْ
يهديكِ سلام الأوفياءْ
و يبلفكِ رسالة
لكِ و لكلِّ الشرفاءْ
و الأصدقاءْ
بذلتْ الروح لتستيقظ الحياةْ
يا بنيه !
ما زالَ الماضي البعيدْ
يسرد للحاضرِ القريبْ
و المستقبل الموعودْ
حكايةَ تاريخ يُعادُ من جديدْ
و حياةٌ تولدُ من خاصرةِ الٱلامْ
لكن الٱيام لن تعودْ
لن تدومْ
أمسحِ الغبارَ عن الاحلامْ
فالحياةُ طريقُ سفرْ
مفارق لقاءْ
و مفارق فراقْ
محطات انتظارْ
من لم يذق مرها
لا يعرف حلوها
و نحن مسافرونْ
راحلونْ
أعلمي !
لولا رياح الخريفْ
و عواصف و برد الشتاءْ
ما أطلَّ الربيع
و لا غرّدت الطيورْ
و لا ألقت الشمس خيوطها
على الزهورْ
لتولد املا جديدا
و حلما جديدا
بقلمي
نصر مصطفى
١٥/١١/٢٠١٧
سوريا
تعليقات
إرسال تعليق