الكلمة الأخيرة..... بقلم الاستاذ المبدع سليمان دغش
سليمان دغش
الكلمة الأخيرة لامرئ القيس
قصيدة
الكلمة الأخيرة لامرئِ القيس / سليمان دغش
في الحُلْمِ مُتَّسَعٌ لنا
والْحُلْمُ أوَّلُ خطوَةٍ في الرّيحِ
سوفَ أطلُّ من حُلُمي عليكِ
وأشتهي ما شئتُ أو ما شِئتِ من غاباتِ لوزكِ
وهْيَ تومئُ
للفراشاتِ التي ارتعَشَتْ
على قيثارةٍ في الرّوحِ تختزلُ المسافةََ
كيْ توحِّدَ ذاتَها
في زُرقَتيْنِ
قريبتيْنِ
بعيدَتيْنِ
فليسَ أبعدَ منكِ عنّي
ليسَ أقربَ منكِ منّي
ليسَ أقربَ
ليسَ أبعدَ
من سماءِ الحُلْمِ عن بحرِ الحقيقةِ
زُرقتانِ
وزورقانِ
ووحده الماءُ المُهيمنُ في المدى الوهميِّ
يحتَرفُ المرايا...
ها هنا في الحُلْمِ مرآةٌ
تُباعِدُ
أو تُقارِبُ
رُبّما كُنّا وتلكَ حقيقةٌ مخفيّةٌ
فيما تعدّى ظاهرَ المرآةِ في المرآةِ
متّحدَيْنِ
مَرْئيَّيْنِ
مخفيّيْنِ
لا أحدٌ سيفهَمُ شيفرةَ المرآةِ إلاّ نحنُ
فالمرآةُ وهمُ الحالمينَ
وَوَحيُ أصحابِ اليقينِ
فلا تقولي للعصافيرِ التي ألِفَتْ أنينَ الرّوحِ
وائتَلفَتْ جنونَ الرّيحِ
وَيْحَكِ... لَنْ تَمُرِّي هاهنا
في الحلْمِ مُتَّسعٌ لها..
في الحُلْمِ متَّسعٌ لَنا...
في الحُلْمِ مُتَّسعٌ لنا
والحُلْمُ آخرُ خطوةٍ للرّوحِ
في سفرِ النّدى
سأُطلُّ من روحي التي بلغَتْ حدودََ اللهِ
حَدَّ الآهِ
واشتعَلتْ كعُصفورٍ على وَترِ المدى
لأغُطَّ ريشَتيَ الوحيدَةَ في دواةِ البَحرِ
أكتُبُ في السجلاّتِ الجديدةِ سورَتي
أو ما تيسَّرََ منْ دَمي في سيرَتي
وأخطُّ صورَتِيَ الجميلةَ في كتابِ الضوءِ
إنََّ الشَّمسَ أجمل في المساءِ
منَ الظهيرةِ
رُبَّما اعتَرَفَتْ ضفائِرُها الشَّفيفةُُ عندَ كفِّ الماءِ
بالآتي
فنامَتْ في سَريرِ الأُرجوانِ
لكيْ تُجَدِّدَ نارَها
وأُوارَها
وتطلّ عاريةً كعادتِها
تُبَشِّرُنا بميلادِ المرايا
في نهارٍ آخرٍ لا رَيْبَ فيهِ...
فَهَل سَتعترفُ الكواكبُ حولَ قنديلِ الثُريّا
أنَّها لا تملكُ المفتاحَ للرؤيا
وأنَّ الشمسَ تنعَفُ بعضَ زينَتها
قُبيْلَ النومِ حولَ سريرها الليليِّ
في أُفُقٍ يراودُ قُرصَ سُرَّتها
على عَسَلٍ إلهيٍّ،
كأنََّ الشمسَ تحلُمُ مثلنا
في الحُلْمِ مُتَّسعٌ لها
في الحُلْمِ مُتّسعٌ لنا
في الحُلْمِ مُتَّسَعٌ لَنا
وَلَنا نوافذُ تُتقِنُ التَّلويحَ للذّكرى
وَتحترِفُ التّعاطي مع فراشاتِ النَّهاراتِ الجديدةِ
إذ تحاولُ أنْ تُلَملِمَ شالهَا المَنسيَّ
عنْ كَتِفِ الحديقةِ والحقيقةِ
حينَ تمتحنُ النّوافذُ ظلَّها
في حضرةِ الشَّمسِ التي احتَرَفَتْ مراسيمَ الولادةِ
في التَّداولِ بينَ كشفِ الكائناتِ على الطبيعةِ
في وُضوحِ نهارِها وَنَهارِنا
أو بينَ كَشفِ أَوِ اكْتِشافِ الذّاتِ
في المرآةِ
خلفَ عباءَةِ الليلِ الذي خَلَعَتهُ للدّنيا هنا
لِتَدُلَّهُ وتَدُلَّنا
أنَّ الظّلامَ بشارةُ الرؤيا وأنَّ الليلَ دَفتر ُ سرِّها
وسريرها
ودليلها ودليلنا
في الحُلْمِ مُتَّسَعٌ لَها
في الحُلْمِ مُتَّسعٌ لَنا
في الحُلْمِ مُتّسعٌ لنا
والحلْمُ أوّلنا وآخرُنا
وخاتمُ يومِنا
غَدُنا... وسيّدُنا
سنكملُ حُلْمَنا بالماءِ حتّى الماءِ
في صحراءِ غربتِنا التي امتدَّتْ إلى ماءَينِ
أقسَمَ رملُها أن يبقيا أبداً
على مَرْمى السّحابةِ في رُموشِ العينِ
بَيْنَ البَيْنِ
إنَّ الحُلْمَ جسر العابرينَ بأَمسِهم غدَهُم
ليكتَملو ويكتمل َ الصباحُ ببرتُقالتهِ الشّهيّةِ
حولَ يافا
تِلكَ مئذنةٌ هُناكَ تُعلِّمُ العصفورَ
حِرْفَتَهُ الجَميلةَ في العُلوِّ على جَناحِ الرّيحِ
نحوَ الغَيْمِ
هَلْ سَقَطَتْ مِنَ الشُّباكِ غيمتُنا الأخيرةُ
فانكَسَرْنا مثلما انكسَرَتْ لتخفي دمعَها
في حبّةِ الليمونِ
أو لتوحِّدَ الضدّينِ في الندّينِ
ما بينَ الثُريّةِ والثّرى
وتُعلّمَ الأطفالَ أنَّ النّجمَ يولَدُ في حديقتِنا
حقيقتنا
وأنَّ الموجَ سبَّحةٌ لوجهِ البحرِ
كانَ البحرُ سرَّ خطيئتي الأولى
يقولُ السّندبادُ وَيَعتلي دَمَنا
ليكشفَ للعواصفِ شهوةَ الياقوتِ
في المَلكوتِ
تلكَ خطيئتي الأولى ورُبَّ خطيئةٍ قُدُسيّةٍ
أهدَتكَ خاتمَها وخِتمَتَها
لِتَبْتَدِئَ الحقيقةُ فيكَ قُدّاسَ الدّلالةِ ..
لي سؤالٌ واحدٌ هوَ:
منْ أنا ؟!
في الحلْمِ مُتَّسعٌ لها
في الحُلْمِ مُتَّسعٌ لنا
في الحلْمِ متّسعٌ لنا
والبحرُ هاجسُ رؤيتي
رئتي التي ضاقَتْ عليَّ
وضاقَ فيَّ البحرُ منْ حيفا إلى يافا القديمةِ
تلكَ خاصرتي
وخصري في مهبِّ الريحِ مُفتتحٌ لتأويلِ الخرافاتِ القديمةِ
والممرُّ إليَّ يعرفُهُ الغزاةُ
ويشتّهونَ الماءَ في بئري المُقدَّسِ
منذُ أن جاءَ المسيحُ على بشارةِ مريم العذراء
واختارَ الصليبَ طريقَهُ حتّى القيامةِ
كمْ صليباً سوفَ أحملهُ ليحملَني إليكِ
وكمْ نبياً سوفَ يسكُنني ويتركني
على عهْدِ الرّباطِ
أنا شهيدُ الأنبياءِ
وشاهِدُ الأسرارِ والإسراءِ
والمعراجُ سلّمني أمانةَ سرِّهِ القُدُسيِّ
مفتاحَ الطريقِ إلى السماءِ
فكمْ ستحتاجُ الفراشةُ منْ قناديلِ الحقيقةِ
كيْ تتمَّ جنازةَ التحليقِ في وهَجِ المدينةِ
وهيَ تنهَضُ كلَّ صُبحٍ من دمِ الشهداءِ
نرجسةًً تصلي الفجرَ في الأقصى
وتفتَحُ كلَّ بوّاباتها للشمسِ
إنَّ قيامةَ الشهداءِ تبدأُ ها هنا
في الحُلْمِ متّسعٌ لها
في الحُلمِ متّسعٌ لنا
في الحُلْمِ متّسعٌ لنا
ولنا سجاجيدُ الكلامِ على بساطِ الليلِ ترفلُ بالنجومِ
وسبّحاتُِ الضوءِ في المعنى
لنا نخْلُ الدّلالةِ في لظى الصحراءِ
كيْفَ نضلُّ وجهَ الماءِ خلفَ سرابنا العبَثيِّ
ثمّةَ هاجِسٌ في الريحِ يخدشُ هامَ نخلتِنا
ويُشعِلُ نرجساً في الروحِ يشبهنا على المرآةِ
حينَ نطلُّ من علياءِ غيمتنا البعيدةِ
كيْ نرى قَزَحِيَّةَ الأقواسِ، وعدَ الشمسِ عندَ الماءِ
كانَ الماءُ وجهَتَنا
وكنا نحمِلُ الصحراءَ ملءَ شغافِنا برقاً يُراودُ أفْقنا المفتوحَ
منْ ماءٍ إلى ماءٍ يُعذِّبنا
فأيَّ شواطئٍ تختارُ فيَّ الروحُ
إنَّ الروحَ أوسعُ من شواطئها
وأضيقُ من جنازَتِنا
فكيفَ نعلّمُ الأمواجَ سرَّ الريحِ
في وضَحِ النهارِ على إشارةِ نصرِنا
وندلّها
وتدلّنا
في الحُلْمِ متّسعٌ لها
في الحُلمِ متّسعٌ لنا
في الحُلْمِ مُتَّسَعٌ لنا
والنّهرُ يذرفُ دَمعَهُ المنسيَّ فوقَ الضّفتينِ
ويكتُبُ الذّكرى على كتفينِ مكسوريْنِ
منْ وَجعِ الرّحيلِ
لتحفظَ الأيامُ سيرتنا على نايِ الرُّعاةِ
العائدينَ إلى الجليلِ
على حُدودِ البَرقِ والأسلاكِ
قالوا عائدونَ
ولمْ يَعُدْ أحدٌ وباتَ الحُلْمُ أبعدَ منْ سرابِ الوعدِ
أبعدَ منْ وعيدِ الرّعدِ في مذياعنا العربيِّ
صفّقنا لصوتِ الريحِ في الصّحراءِ
إنّا عائدونَ، كم ابتعدنا
عن شواطئِ حُلْمنا القُدُسيِّ،
تُهنا بينَ نافذتينِ حائرتينِ تقتسمانِ
لوعةَ الانتظارِ وحسرةَ الذكرى
وما الذكرى سوى نافورةٍ للدمعِ
تروي ياسمينةَ حزننا
يا نهرُ ويحكَ دُلّنا
هل ضاعَ منا البحرُ،
شاطئُ حُلْمنا وختامُ رؤيتنا
وهلْ جفَّتْ دموعُكَ مثلنا؟
في الحلْمِ متّسعٌ لها
في الحُلْمِ مُتّسعٌ لنا
في الحُلْمِ متّسعٌ لنا
والليلُ يختَصرُ المسافةَ بَيْنَنا
ويلُمّنا
في كَهفِهِ السّحريِّ يَسكُنُنا
ويُسكِنُنا السَّكينَةَ
كيْ يُسلِّمَنا وَصِيّتَهُ الأخيرةَ:
كلُّ شيءٍ في يَدي
وَلديَّ مفتاحُ النّهارِ
وما الحقيقةُ غير ضوءِ الحُلْمِ
خلفَ زُجاجِكَ الوَهميِّ
لا تترُكْ لظِلِّكَ فرصَةَ التَّضليلِ
واخْتَزِلِ المسافةَ فيكَ
بينَ الحُلْمِ والتَأْويلِ
تكْتَشِفِ الحقيقةَ بينَ مُزدَوَجيْنِ فيكَ
يُحاصِرانِ ويحصُرانِ بكَ الأنا
سيدُلُّكَ الليلُ الطويلُ عليكَ
لا تقلقْ
فرُبَّ فراشةٍ ليليّةٍ تهديكَ حكمَتها
على عَجَلٍ
فيغمركَ السّنا...!!
في الحُلْمِ مُتّسعٌ لها
في الحُلْمِ مُتّسعٌ لنا
في الحُلْمِ مُتَّسَعٌ لنا
ولنا شواطئنا،
انتظَرنا واثقينَ بما تُعِدُّ الشّمسُ
منْ ذهبِ السّنابلِ للبيادر
لمْ نُشكّكْ بانتماءِ الضوءِ للرؤيا
وأنَّ الليل مفتاح البشارةِ والرؤى
هِيَ حكمةُ الأضدادِ في المعنى
فلا معنًى بلا معنى
ولا معنى سوى ما تعكسُ المرآةُ
منْ وهَجِ الحقيقةِ في التّجلي
خلفَ أسئلةِ السّرابِ الدُّنيَويِّ
رأيتُ نفسي ملءَ أسئلةِ الأنا
ما دلّني أحدٌ عليَّ سوايَ
إنَّ الشمسَ تختبرُ الحقيقةَ في المرايا
فامتلئْ بالضوءِ كيْ يتلألأ المصباحُ فيكَ
وكيْ تراكَ فلا حقيقة في مدى المرآةِ غيركَ
إنْ أضأتَ أضاءَت الرؤيا دَليلكَ
أو أضأتَ دليلَها ودَليلَنا
في الحُلْمِ مُتَّسعٌ لها
في الحُلْمِ مُتَّسَعٌ لنا
في الحُلْمِ مُتَّسَعٌ لنا
مرَّ النهارُ على شواطئنا
ومرَّ الليلُ يرفُلُ بالمصابيحِ البعيدةِ
في حسابِ الضوءِ
لا أحَدٌ
ولا أمدٌ
ولا أبدٌ
سيُدركُ سرَّ هذا الكونِ
يسحرُنا
ويملؤنا
بفيضِ النورِ والإدراكِ
لولا الليل هل كُنّا سنكتشف الكواكبَ
والثريا،
دورةَ الأفلاكِ،
هندسةَ السّماءِ
ولغزَ أسئلةِ البقاءِ
كأنَّ الكون مرآة المرايا
كلّ ما فيها حقيقيٌّ ووهميٌّ
وراءَ سرابِ رؤيتنا ورؤيانا
وما الرؤيا سوى وهمٍ يراودُ شهوةَ الإدراكِ
بينَ الحُلْمِ والتفسيرِ
ثمّةَ هاجسٌ يستدرجُ الأرواحَ نحوََ سمائِها
وسمائِنا
في الحُلْم متّسعٌ لها
في الحُلْمِ مُتَّسَعٌ لنا
في الحُلْمِ مُتّسَعٌ لنا
والحُلْمُ يرسمُ قوسَهُ القُزَحيَّ
خلفَ الزّئبقِ الأفُقيِّ
أبعدَ منْ أصابِعِنا
وأبعَدَ منْ مجالِ الرّوحِ بينَ اللهِ والمنفى
ولي منفايَ، منفى الروحِ في الوطنِ المُقدَّسِ
ضاقَ بي وطني اتَّسعتُ كغيمةٍ في الريحِ
تحترفُ الرحيلَ
منَ الرحيلِ إلى الرحيلِ
مجالها ماءانِ محتملانِ والصّحراءُ وجهتها الوحيدةُ
إنّ للصحراءِ رؤيتها
ولي رؤيايَ، كيفَ أعلِّمُ الصحراءَ
سفرَ الماءِ في لُغتي لكيْ تحيا
وكيْ أقوى على موتٍ يلاحقُني
هُنا وهُناكَ بينَ الماءِ والصّحراءِ
إنَّ قصيدتي حمراء مثل دمي
ولي حُلُمي
ولي وهمي
ولي شَفَتي وأغنيتي
وخارطتي هنا جَسَدي
وروحي لا حدودَ لها لأحملَها
وتحملني على قلَقِ النّوارسِ
في هواجسِ حلمِِها أو حُلْمِنا
في الحُلْمِ مُتَّسَعٌ لها
في الحُلْمِ مُتّسَعٌ لنا
في الحُلْمِ مُتَّسَعٌ لنا
ولنا سِراجُ الليلِ يَرفُلُ بالفراشاتِ الشَّقِيَّةِ
حَولَ هالَتِهِ، تَحُكُّ جَناحَها الأبَدِيَّ عِشقاً سَرمَدِياً
واشتياقاً لمْ يَزَلْ يغوي هَشاشَةَ روحِها
وكأنَّ شمساً في الهَيولى راوَدَتها ذاتَ بَعثٍ
كيْ تُقاسِمَها اندِلاعَ النّورِ أبعَدَ
مِنْ تَجَلّي جانِحَيها في مَرايا الياسَمينِ
يُضيئُها وَيُضيئُنا
وَيَشُدّها وَيَشُدّنا الإسراءُ للقُدسِ العَتيقَةِ
تَحتَ جُنحِ الليلِ
نَقرأُ آيَةَ الكُرسِيِّ للإنسِيِّ والمَنسِيِّ
عِندَ القِبلَةِ الأولى
فَتَتَّسعَ السّماءُ بِما تَضيقُ الأرضُ
وَيحَكَ يا يهوذا!
لمْ يَعُدْ في الأرضِ مُتّسَعٌ لَدَيكَ لكيْ تُواري جُثَّتي
فابعَث غُرابَكَ حيثُما تَهوى الخَطيئَةُ
يَقتَفي أثَرَ العَنادِلِ في دَمي
لتَدُلّهُ وتَدُلَّنا
في الحُلْمِ مُتّسَعٌ لها
في الحُلْمِ مُتَّسَعٌ لَنا
في الحُلْمِ مُتَّسعٌ لنا
وَلَنا أَصابعُنا لِنَصْطادَ الزَّرافةَ
حَوْلَ أَقراطِ الثُريّا
أَوْ لِرَمْيِ سِهامِنا في قَوسِ عاصِفةٍ
وَرثناها عَنِ الصَّحراءِ
قَبْلَ سُقوطِها في البئرِ
ثَمَّةَ نخلةٌ ظلَّتْ على ميعادِ نَجمَتِنا
رَوَيْناها بزَمزَمِ مائِنا وَدمائِنا
لِتَظلَّ تَحْرسنا
وتحرسُ نومَنا المكسورَ في قَلقِ النَّوارسِ
وارتباكِ البَحْرِ
في مدٍّ وجزرٍ قابِلَيْنِ للانْزِياحِ
على مداخِلِ حُلْمِنا
وتَدُلُّنا
عَنْ هَمْزةِ الوَصْلِ التي سَقَطتْ
كَمِثلِ السَّيْفِ عَنْ سَرجِ الحِصانِ
فأَسْقَطَتْنا في حراكِ الرَّملِ
فاحذَرْ ...
يا امرأَ القَيْسِ المسافر في قَميصِ الماءِ وحدَكَ
إنَّ يومكَ كلّهُ أمرٌ
فلا تَقْبَلْ عباءَتَهم عَليكَ
سَتَعْرفُ الصحراءُ إذْ قَتَلَتْكَ
أنّكَ كُنتَ نخلَتَها الوحيدةَ، رمحَها العَرَبيَّ
يَجتَرِحُ الكَواكِبَ في الرؤى
وَبِشارَةُ البَدَوِيِّ يَسبِقُها الصّهيلُ إلى المَدى
فاكتُبْ بدَمِّكَ كِلْمَتيْنِ
أخيرَتَيْنِ: أَنـــــا هُنـــــا
فَلربّما تَصحو لنكمِلَ حُلْمَها
ولربّما نغفو لِتُكملَ حُلْمََنا
في الحُلمِ متّسعٌ لها
في الحُلْمِ متّسعٌ لنا
الكلمة الأخيرة لامرئ القيس
قصيدة
الكلمة الأخيرة لامرئِ القيس / سليمان دغش
في الحُلْمِ مُتَّسَعٌ لنا
والْحُلْمُ أوَّلُ خطوَةٍ في الرّيحِ
سوفَ أطلُّ من حُلُمي عليكِ
وأشتهي ما شئتُ أو ما شِئتِ من غاباتِ لوزكِ
وهْيَ تومئُ
للفراشاتِ التي ارتعَشَتْ
على قيثارةٍ في الرّوحِ تختزلُ المسافةََ
كيْ توحِّدَ ذاتَها
في زُرقَتيْنِ
قريبتيْنِ
بعيدَتيْنِ
فليسَ أبعدَ منكِ عنّي
ليسَ أقربَ منكِ منّي
ليسَ أقربَ
ليسَ أبعدَ
من سماءِ الحُلْمِ عن بحرِ الحقيقةِ
زُرقتانِ
وزورقانِ
ووحده الماءُ المُهيمنُ في المدى الوهميِّ
يحتَرفُ المرايا...
ها هنا في الحُلْمِ مرآةٌ
تُباعِدُ
أو تُقارِبُ
رُبّما كُنّا وتلكَ حقيقةٌ مخفيّةٌ
فيما تعدّى ظاهرَ المرآةِ في المرآةِ
متّحدَيْنِ
مَرْئيَّيْنِ
مخفيّيْنِ
لا أحدٌ سيفهَمُ شيفرةَ المرآةِ إلاّ نحنُ
فالمرآةُ وهمُ الحالمينَ
وَوَحيُ أصحابِ اليقينِ
فلا تقولي للعصافيرِ التي ألِفَتْ أنينَ الرّوحِ
وائتَلفَتْ جنونَ الرّيحِ
وَيْحَكِ... لَنْ تَمُرِّي هاهنا
في الحلْمِ مُتَّسعٌ لها..
في الحُلْمِ متَّسعٌ لَنا...
في الحُلْمِ مُتَّسعٌ لنا
والحُلْمُ آخرُ خطوةٍ للرّوحِ
في سفرِ النّدى
سأُطلُّ من روحي التي بلغَتْ حدودََ اللهِ
حَدَّ الآهِ
واشتعَلتْ كعُصفورٍ على وَترِ المدى
لأغُطَّ ريشَتيَ الوحيدَةَ في دواةِ البَحرِ
أكتُبُ في السجلاّتِ الجديدةِ سورَتي
أو ما تيسَّرََ منْ دَمي في سيرَتي
وأخطُّ صورَتِيَ الجميلةَ في كتابِ الضوءِ
إنََّ الشَّمسَ أجمل في المساءِ
منَ الظهيرةِ
رُبَّما اعتَرَفَتْ ضفائِرُها الشَّفيفةُُ عندَ كفِّ الماءِ
بالآتي
فنامَتْ في سَريرِ الأُرجوانِ
لكيْ تُجَدِّدَ نارَها
وأُوارَها
وتطلّ عاريةً كعادتِها
تُبَشِّرُنا بميلادِ المرايا
في نهارٍ آخرٍ لا رَيْبَ فيهِ...
فَهَل سَتعترفُ الكواكبُ حولَ قنديلِ الثُريّا
أنَّها لا تملكُ المفتاحَ للرؤيا
وأنَّ الشمسَ تنعَفُ بعضَ زينَتها
قُبيْلَ النومِ حولَ سريرها الليليِّ
في أُفُقٍ يراودُ قُرصَ سُرَّتها
على عَسَلٍ إلهيٍّ،
كأنََّ الشمسَ تحلُمُ مثلنا
في الحُلْمِ مُتَّسعٌ لها
في الحُلْمِ مُتّسعٌ لنا
في الحُلْمِ مُتَّسَعٌ لَنا
وَلَنا نوافذُ تُتقِنُ التَّلويحَ للذّكرى
وَتحترِفُ التّعاطي مع فراشاتِ النَّهاراتِ الجديدةِ
إذ تحاولُ أنْ تُلَملِمَ شالهَا المَنسيَّ
عنْ كَتِفِ الحديقةِ والحقيقةِ
حينَ تمتحنُ النّوافذُ ظلَّها
في حضرةِ الشَّمسِ التي احتَرَفَتْ مراسيمَ الولادةِ
في التَّداولِ بينَ كشفِ الكائناتِ على الطبيعةِ
في وُضوحِ نهارِها وَنَهارِنا
أو بينَ كَشفِ أَوِ اكْتِشافِ الذّاتِ
في المرآةِ
خلفَ عباءَةِ الليلِ الذي خَلَعَتهُ للدّنيا هنا
لِتَدُلَّهُ وتَدُلَّنا
أنَّ الظّلامَ بشارةُ الرؤيا وأنَّ الليلَ دَفتر ُ سرِّها
وسريرها
ودليلها ودليلنا
في الحُلْمِ مُتَّسَعٌ لَها
في الحُلْمِ مُتَّسعٌ لَنا
في الحُلْمِ مُتّسعٌ لنا
والحلْمُ أوّلنا وآخرُنا
وخاتمُ يومِنا
غَدُنا... وسيّدُنا
سنكملُ حُلْمَنا بالماءِ حتّى الماءِ
في صحراءِ غربتِنا التي امتدَّتْ إلى ماءَينِ
أقسَمَ رملُها أن يبقيا أبداً
على مَرْمى السّحابةِ في رُموشِ العينِ
بَيْنَ البَيْنِ
إنَّ الحُلْمَ جسر العابرينَ بأَمسِهم غدَهُم
ليكتَملو ويكتمل َ الصباحُ ببرتُقالتهِ الشّهيّةِ
حولَ يافا
تِلكَ مئذنةٌ هُناكَ تُعلِّمُ العصفورَ
حِرْفَتَهُ الجَميلةَ في العُلوِّ على جَناحِ الرّيحِ
نحوَ الغَيْمِ
هَلْ سَقَطَتْ مِنَ الشُّباكِ غيمتُنا الأخيرةُ
فانكَسَرْنا مثلما انكسَرَتْ لتخفي دمعَها
في حبّةِ الليمونِ
أو لتوحِّدَ الضدّينِ في الندّينِ
ما بينَ الثُريّةِ والثّرى
وتُعلّمَ الأطفالَ أنَّ النّجمَ يولَدُ في حديقتِنا
حقيقتنا
وأنَّ الموجَ سبَّحةٌ لوجهِ البحرِ
كانَ البحرُ سرَّ خطيئتي الأولى
يقولُ السّندبادُ وَيَعتلي دَمَنا
ليكشفَ للعواصفِ شهوةَ الياقوتِ
في المَلكوتِ
تلكَ خطيئتي الأولى ورُبَّ خطيئةٍ قُدُسيّةٍ
أهدَتكَ خاتمَها وخِتمَتَها
لِتَبْتَدِئَ الحقيقةُ فيكَ قُدّاسَ الدّلالةِ ..
لي سؤالٌ واحدٌ هوَ:
منْ أنا ؟!
في الحلْمِ مُتَّسعٌ لها
في الحُلْمِ مُتَّسعٌ لنا
في الحلْمِ متّسعٌ لنا
والبحرُ هاجسُ رؤيتي
رئتي التي ضاقَتْ عليَّ
وضاقَ فيَّ البحرُ منْ حيفا إلى يافا القديمةِ
تلكَ خاصرتي
وخصري في مهبِّ الريحِ مُفتتحٌ لتأويلِ الخرافاتِ القديمةِ
والممرُّ إليَّ يعرفُهُ الغزاةُ
ويشتّهونَ الماءَ في بئري المُقدَّسِ
منذُ أن جاءَ المسيحُ على بشارةِ مريم العذراء
واختارَ الصليبَ طريقَهُ حتّى القيامةِ
كمْ صليباً سوفَ أحملهُ ليحملَني إليكِ
وكمْ نبياً سوفَ يسكُنني ويتركني
على عهْدِ الرّباطِ
أنا شهيدُ الأنبياءِ
وشاهِدُ الأسرارِ والإسراءِ
والمعراجُ سلّمني أمانةَ سرِّهِ القُدُسيِّ
مفتاحَ الطريقِ إلى السماءِ
فكمْ ستحتاجُ الفراشةُ منْ قناديلِ الحقيقةِ
كيْ تتمَّ جنازةَ التحليقِ في وهَجِ المدينةِ
وهيَ تنهَضُ كلَّ صُبحٍ من دمِ الشهداءِ
نرجسةًً تصلي الفجرَ في الأقصى
وتفتَحُ كلَّ بوّاباتها للشمسِ
إنَّ قيامةَ الشهداءِ تبدأُ ها هنا
في الحُلْمِ متّسعٌ لها
في الحُلمِ متّسعٌ لنا
في الحُلْمِ متّسعٌ لنا
ولنا سجاجيدُ الكلامِ على بساطِ الليلِ ترفلُ بالنجومِ
وسبّحاتُِ الضوءِ في المعنى
لنا نخْلُ الدّلالةِ في لظى الصحراءِ
كيْفَ نضلُّ وجهَ الماءِ خلفَ سرابنا العبَثيِّ
ثمّةَ هاجِسٌ في الريحِ يخدشُ هامَ نخلتِنا
ويُشعِلُ نرجساً في الروحِ يشبهنا على المرآةِ
حينَ نطلُّ من علياءِ غيمتنا البعيدةِ
كيْ نرى قَزَحِيَّةَ الأقواسِ، وعدَ الشمسِ عندَ الماءِ
كانَ الماءُ وجهَتَنا
وكنا نحمِلُ الصحراءَ ملءَ شغافِنا برقاً يُراودُ أفْقنا المفتوحَ
منْ ماءٍ إلى ماءٍ يُعذِّبنا
فأيَّ شواطئٍ تختارُ فيَّ الروحُ
إنَّ الروحَ أوسعُ من شواطئها
وأضيقُ من جنازَتِنا
فكيفَ نعلّمُ الأمواجَ سرَّ الريحِ
في وضَحِ النهارِ على إشارةِ نصرِنا
وندلّها
وتدلّنا
في الحُلْمِ متّسعٌ لها
في الحُلمِ متّسعٌ لنا
في الحُلْمِ مُتَّسَعٌ لنا
والنّهرُ يذرفُ دَمعَهُ المنسيَّ فوقَ الضّفتينِ
ويكتُبُ الذّكرى على كتفينِ مكسوريْنِ
منْ وَجعِ الرّحيلِ
لتحفظَ الأيامُ سيرتنا على نايِ الرُّعاةِ
العائدينَ إلى الجليلِ
على حُدودِ البَرقِ والأسلاكِ
قالوا عائدونَ
ولمْ يَعُدْ أحدٌ وباتَ الحُلْمُ أبعدَ منْ سرابِ الوعدِ
أبعدَ منْ وعيدِ الرّعدِ في مذياعنا العربيِّ
صفّقنا لصوتِ الريحِ في الصّحراءِ
إنّا عائدونَ، كم ابتعدنا
عن شواطئِ حُلْمنا القُدُسيِّ،
تُهنا بينَ نافذتينِ حائرتينِ تقتسمانِ
لوعةَ الانتظارِ وحسرةَ الذكرى
وما الذكرى سوى نافورةٍ للدمعِ
تروي ياسمينةَ حزننا
يا نهرُ ويحكَ دُلّنا
هل ضاعَ منا البحرُ،
شاطئُ حُلْمنا وختامُ رؤيتنا
وهلْ جفَّتْ دموعُكَ مثلنا؟
في الحلْمِ متّسعٌ لها
في الحُلْمِ مُتّسعٌ لنا
في الحُلْمِ متّسعٌ لنا
والليلُ يختَصرُ المسافةَ بَيْنَنا
ويلُمّنا
في كَهفِهِ السّحريِّ يَسكُنُنا
ويُسكِنُنا السَّكينَةَ
كيْ يُسلِّمَنا وَصِيّتَهُ الأخيرةَ:
كلُّ شيءٍ في يَدي
وَلديَّ مفتاحُ النّهارِ
وما الحقيقةُ غير ضوءِ الحُلْمِ
خلفَ زُجاجِكَ الوَهميِّ
لا تترُكْ لظِلِّكَ فرصَةَ التَّضليلِ
واخْتَزِلِ المسافةَ فيكَ
بينَ الحُلْمِ والتَأْويلِ
تكْتَشِفِ الحقيقةَ بينَ مُزدَوَجيْنِ فيكَ
يُحاصِرانِ ويحصُرانِ بكَ الأنا
سيدُلُّكَ الليلُ الطويلُ عليكَ
لا تقلقْ
فرُبَّ فراشةٍ ليليّةٍ تهديكَ حكمَتها
على عَجَلٍ
فيغمركَ السّنا...!!
في الحُلْمِ مُتّسعٌ لها
في الحُلْمِ مُتّسعٌ لنا
في الحُلْمِ مُتَّسَعٌ لنا
ولنا شواطئنا،
انتظَرنا واثقينَ بما تُعِدُّ الشّمسُ
منْ ذهبِ السّنابلِ للبيادر
لمْ نُشكّكْ بانتماءِ الضوءِ للرؤيا
وأنَّ الليل مفتاح البشارةِ والرؤى
هِيَ حكمةُ الأضدادِ في المعنى
فلا معنًى بلا معنى
ولا معنى سوى ما تعكسُ المرآةُ
منْ وهَجِ الحقيقةِ في التّجلي
خلفَ أسئلةِ السّرابِ الدُّنيَويِّ
رأيتُ نفسي ملءَ أسئلةِ الأنا
ما دلّني أحدٌ عليَّ سوايَ
إنَّ الشمسَ تختبرُ الحقيقةَ في المرايا
فامتلئْ بالضوءِ كيْ يتلألأ المصباحُ فيكَ
وكيْ تراكَ فلا حقيقة في مدى المرآةِ غيركَ
إنْ أضأتَ أضاءَت الرؤيا دَليلكَ
أو أضأتَ دليلَها ودَليلَنا
في الحُلْمِ مُتَّسعٌ لها
في الحُلْمِ مُتَّسَعٌ لنا
في الحُلْمِ مُتَّسَعٌ لنا
مرَّ النهارُ على شواطئنا
ومرَّ الليلُ يرفُلُ بالمصابيحِ البعيدةِ
في حسابِ الضوءِ
لا أحَدٌ
ولا أمدٌ
ولا أبدٌ
سيُدركُ سرَّ هذا الكونِ
يسحرُنا
ويملؤنا
بفيضِ النورِ والإدراكِ
لولا الليل هل كُنّا سنكتشف الكواكبَ
والثريا،
دورةَ الأفلاكِ،
هندسةَ السّماءِ
ولغزَ أسئلةِ البقاءِ
كأنَّ الكون مرآة المرايا
كلّ ما فيها حقيقيٌّ ووهميٌّ
وراءَ سرابِ رؤيتنا ورؤيانا
وما الرؤيا سوى وهمٍ يراودُ شهوةَ الإدراكِ
بينَ الحُلْمِ والتفسيرِ
ثمّةَ هاجسٌ يستدرجُ الأرواحَ نحوََ سمائِها
وسمائِنا
في الحُلْم متّسعٌ لها
في الحُلْمِ مُتَّسَعٌ لنا
في الحُلْمِ مُتّسَعٌ لنا
والحُلْمُ يرسمُ قوسَهُ القُزَحيَّ
خلفَ الزّئبقِ الأفُقيِّ
أبعدَ منْ أصابِعِنا
وأبعَدَ منْ مجالِ الرّوحِ بينَ اللهِ والمنفى
ولي منفايَ، منفى الروحِ في الوطنِ المُقدَّسِ
ضاقَ بي وطني اتَّسعتُ كغيمةٍ في الريحِ
تحترفُ الرحيلَ
منَ الرحيلِ إلى الرحيلِ
مجالها ماءانِ محتملانِ والصّحراءُ وجهتها الوحيدةُ
إنّ للصحراءِ رؤيتها
ولي رؤيايَ، كيفَ أعلِّمُ الصحراءَ
سفرَ الماءِ في لُغتي لكيْ تحيا
وكيْ أقوى على موتٍ يلاحقُني
هُنا وهُناكَ بينَ الماءِ والصّحراءِ
إنَّ قصيدتي حمراء مثل دمي
ولي حُلُمي
ولي وهمي
ولي شَفَتي وأغنيتي
وخارطتي هنا جَسَدي
وروحي لا حدودَ لها لأحملَها
وتحملني على قلَقِ النّوارسِ
في هواجسِ حلمِِها أو حُلْمِنا
في الحُلْمِ مُتَّسَعٌ لها
في الحُلْمِ مُتّسَعٌ لنا
في الحُلْمِ مُتَّسَعٌ لنا
ولنا سِراجُ الليلِ يَرفُلُ بالفراشاتِ الشَّقِيَّةِ
حَولَ هالَتِهِ، تَحُكُّ جَناحَها الأبَدِيَّ عِشقاً سَرمَدِياً
واشتياقاً لمْ يَزَلْ يغوي هَشاشَةَ روحِها
وكأنَّ شمساً في الهَيولى راوَدَتها ذاتَ بَعثٍ
كيْ تُقاسِمَها اندِلاعَ النّورِ أبعَدَ
مِنْ تَجَلّي جانِحَيها في مَرايا الياسَمينِ
يُضيئُها وَيُضيئُنا
وَيَشُدّها وَيَشُدّنا الإسراءُ للقُدسِ العَتيقَةِ
تَحتَ جُنحِ الليلِ
نَقرأُ آيَةَ الكُرسِيِّ للإنسِيِّ والمَنسِيِّ
عِندَ القِبلَةِ الأولى
فَتَتَّسعَ السّماءُ بِما تَضيقُ الأرضُ
وَيحَكَ يا يهوذا!
لمْ يَعُدْ في الأرضِ مُتّسَعٌ لَدَيكَ لكيْ تُواري جُثَّتي
فابعَث غُرابَكَ حيثُما تَهوى الخَطيئَةُ
يَقتَفي أثَرَ العَنادِلِ في دَمي
لتَدُلّهُ وتَدُلَّنا
في الحُلْمِ مُتّسَعٌ لها
في الحُلْمِ مُتَّسَعٌ لَنا
في الحُلْمِ مُتَّسعٌ لنا
وَلَنا أَصابعُنا لِنَصْطادَ الزَّرافةَ
حَوْلَ أَقراطِ الثُريّا
أَوْ لِرَمْيِ سِهامِنا في قَوسِ عاصِفةٍ
وَرثناها عَنِ الصَّحراءِ
قَبْلَ سُقوطِها في البئرِ
ثَمَّةَ نخلةٌ ظلَّتْ على ميعادِ نَجمَتِنا
رَوَيْناها بزَمزَمِ مائِنا وَدمائِنا
لِتَظلَّ تَحْرسنا
وتحرسُ نومَنا المكسورَ في قَلقِ النَّوارسِ
وارتباكِ البَحْرِ
في مدٍّ وجزرٍ قابِلَيْنِ للانْزِياحِ
على مداخِلِ حُلْمِنا
وتَدُلُّنا
عَنْ هَمْزةِ الوَصْلِ التي سَقَطتْ
كَمِثلِ السَّيْفِ عَنْ سَرجِ الحِصانِ
فأَسْقَطَتْنا في حراكِ الرَّملِ
فاحذَرْ ...
يا امرأَ القَيْسِ المسافر في قَميصِ الماءِ وحدَكَ
إنَّ يومكَ كلّهُ أمرٌ
فلا تَقْبَلْ عباءَتَهم عَليكَ
سَتَعْرفُ الصحراءُ إذْ قَتَلَتْكَ
أنّكَ كُنتَ نخلَتَها الوحيدةَ، رمحَها العَرَبيَّ
يَجتَرِحُ الكَواكِبَ في الرؤى
وَبِشارَةُ البَدَوِيِّ يَسبِقُها الصّهيلُ إلى المَدى
فاكتُبْ بدَمِّكَ كِلْمَتيْنِ
أخيرَتَيْنِ: أَنـــــا هُنـــــا
فَلربّما تَصحو لنكمِلَ حُلْمَها
ولربّما نغفو لِتُكملَ حُلْمََنا
في الحُلمِ متّسعٌ لها
في الحُلْمِ متّسعٌ لنا
تعليقات
إرسال تعليق